تحظى مدينة إسطنبول بأهمية بالغة، ليس فقط لأنها مركز اقتصادي وثقافي حيوي، بل لأنها أيضًا تقع في منطقة زلزالية نشطة. في ظل هذه الحقائق، تأتي تحذيرات علماء الزلازل لتنبيه السكان والسلطات إلى ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لتجنب كارثة محتملة. من بين هؤلاء الخبراء، يبرز البروفسور ناجي غورو، الذي يدق ناقوس الخطر حول زلزال قد يكون مدمرًا للمدينة.
اقتراب زلزال إسطنبول المدمر وخبير تركي يحذر
حذر عالم الزلازل البروفسور ناجي غورو من العواقب الوخيمة التي قد تنجم عن وقوع زلزال قوي في مدينة إسطنبول. أوضح غورو أن المدينة تضم حوالي مليون و100 ألف مبنى، من بينها نحو 100 ألف مبنى معرضة لأضرار كبيرة في حال حدوث زلزال. وقد أشار إلى أنه “إذا كان كل مبنى يتكون من خمسة طوابق، فهذا يعني أن هناك حوالي 500 ألف طابق معرضة للخطر. وبفرض وجود شقتين في كل طابق، نصل إلى مليون شقة مهددة”.
وأضاف غورو: “إذا كان متوسط عدد السكان في كل شقة أربعة أشخاص، فإن حياة 4 ملايين شخص ستكون تحت خطر مباشر. وبعبارة أخرى، سيكون هؤلاء الأشخاص أكثر عرضة للبقاء تحت الأنقاض في حال وقوع زلزال”.
يجب أن نتذكر دائماً الدروس المستفادة من الكوارث السابقة لتجنب تكرارها. في فبراير 2023، تعرضت تركيا لزلزال مدمر أودى بحياة أكثر من 50,000 شخص، وكان هذا الزلزال واحداً من أكثر الكوارث الطبيعية تدميراً في تاريخ البلاد. تلك الكارثة كشفت عن مدى هشاشة بعض المباني والبنية التحتية، وأظهرت الحاجة الملحة لتعزيز معايير البناء وتطبيق التدابير الوقائية. هذا الحدث الأليم يجب أن يكون حافزاً لنا جميعاً، سواءً كنا مواطنين أو سلطات، للعمل بجدية على تحسين مقاومتنا للزلازل وضمان سلامة المجتمعات.
أهمية التحول العمراني
شدد البروفسور غورو على ضرورة الإسراع بعمليات التحول العمراني لتعزيز البنية التحتية وتحسين مقاومة المباني للزلازل. تأتي هذه التحذيرات في إطار دعوة غورو للسلطات المحلية والمواطنين إلى اتخاذ خطوات عاجلة لتعزيز السلامة العامة وتقليل مخاطر الزلازل، من خلال إعادة تأهيل المباني القديمة وتطبيق معايير البناء الحديثة.
وأكد أن التأخير في اتخاذ هذه الإجراءات قد يؤدي إلى كارثة إنسانية هائلة في حال وقوع زلزال كبير.
مجموعة نصائح قيمة قبل وقوع الكارثة
نصائح لتجنب الكارثة
تحديث المباني وإعادة التأهيل
تعد إعادة تأهيل المباني القديمة لتكون مقاومة للزلازل من الخطوات الأساسية في تجنب الكوارث الزلزالية. يجب على السلطات والمواطنين العمل معاً لتحديث الهياكل والبنية التحتية، حيث تشمل عمليات التحديث تعزيز الأساسات والجدران والأعمدة بمواد مقاومة للصدمات. كما يجب تركيب أنظمة امتصاص الصدمات وتوزيع الأحمال بطرق حديثة تساعد في تقليل الأضرار الناتجة عن الاهتزازات. هذه الخطوات ليست فقط للحفاظ على المباني، بل هي لحماية الأرواح التي تسكن فيها.
التخطيط العمراني وتطبيق معايير البناء الحديثة
التخطيط العمراني السليم يلعب دوراً حاسماً في تقليل مخاطر الزلازل. يجب الالتزام باللوائح الهندسية الصارمة ومعايير البناء الحديثة عند إنشاء المباني الجديدة. يجب أن تكون جميع المباني، سواء كانت سكنية أو تجارية أو صناعية، مصممة لتحمل الهزات الأرضية. إلى جانب ذلك، يجب توفير مساحات مفتوحة آمنة يمكن استخدامها كنقاط تجمع في حالات الطوارئ. تلك المساحات يمكن أن تكون ملاعب، حدائق، أو ساحات كبيرة، حيث يمكن للناس اللجوء إليها بعيداً عن المباني المتضررة.
التوعية والتدريب
نشر الوعي بين السكان حول كيفية التصرف في حالة الزلزال هو أمر بالغ الأهمية. يجب تنفيذ برامج تدريبية منتظمة لتعليم الناس كيفية التصرف أثناء الزلزال وبعده. يمكن أن تشمل هذه البرامج تدريبات على عمليات الإخلاء، وتحديد نقاط التجمع الآمنة، ومعرفة كيفية قطع مصادر الغاز والكهرباء لتجنب الحرائق والانفجارات. بالإضافة إلى ذلك، يجب تدريب أفراد العائلة على كيفية استخدام معدات الإسعافات الأولية وتقديم المساعدة الفورية للمصابين.
الاستعداد الشخصي والتجهيزات المنزلية
يجب على كل عائلة تجهيز حقيبة طوارئ تحتوي على المواد الأساسية مثل الماء والطعام المعلب، البطانيات، الأدوية الضرورية، مصباح يدوي، وبطاريات إضافية. هذه الحقيبة يجب أن تكون في مكان سهل الوصول إليه، وتحتوي أيضاً على نسخ من المستندات المهمة مثل جوازات السفر، والعقود، وأي أوراق ضرورية.
بالإضافة إلى ذلك، يجب تثبيت الأثاث الثقيل مثل الخزائن والرفوف بالجدران لمنع سقوطها أثناء الزلزال. يجب التأكد من أن المساحات تحت الطاولات وأسفل الأثاث القوي خالية وجاهزة للاستخدام كملاذ آمن خلال الزلزال.
عند حدوث الزلزال، من المهم البقاء هادئاً والتصرف بسرعة. إذا كنت داخل المنزل، يجب الدخول تحت طاولة قوية أو أي قطعة أثاث متينة يمكنها حمايتك من سقوط الجدران أو الأجسام الثقيلة. تجنب الوقوف بالقرب من النوافذ أو المرايا، لأنها قد تتحطم وتسبب إصابات خطيرة. إذا لم يكن هناك أثاث قوي قريب، اجلس على الأرض بالقرب من جدار داخلي، وغط رأسك ورقبتك بذراعيك لحمايتهما.
نصائح خارج المنزل أثناء وقوع الزلزال
إذا كنت خارج المنزل وقت وقوع الزلزال، ابتعد عن المباني والجدران والأسلاك الكهربائية. توجه إلى مناطق مفتوحة حيث تكون أكثر أماناً من سقوط الأشياء. حاول البقاء بعيداً عن الأشجار الكبيرة والإنشاءات المرتفعة، لأنها قد تنهار. إذا كنت في سيارة، توقف في مكان آمن بعيداً عن الجسور والأنفاق، وانتظر حتى تنتهي الهزة قبل متابعة القيادة بحذر.
أهمية التأمين ضد الزلازل
التأمين على المباني والممتلكات ضد الكوارث الطبيعية هو خطوة حيوية لتقليل الخسائر المالية. يجب على أصحاب المنازل والشركات التأكد من أن لديهم تأميناً شاملاً يغطي الأضرار الناتجة عن الزلازل. هذا التأمين يمكن أن يكون عامل إنقاذ في استعادة الأوضاع الطبيعية بعد الكارثة، مما يسهل عمليات الإصلاح والتعويض عن الخسائر المادية.
الدعم المجتمعي والتعاون
التعاون بين أفراد المجتمع والسلطات المحلية يمكن أن يعزز الاستعداد لمواجهة الزلازل. يجب تشكيل لجان محلية للطوارئ تكون مسؤولة عن تنفيذ خطط الطوارئ وتقديم الدعم للسكان في الأزمات. يمكن لهذه اللجان تنظيم ورش عمل وتدريبات مشتركة لزيادة جاهزية المجتمع وتحسين الاستجابة للكوارث.
في نهاية المطاف، تعد تحذيرات البروفسور ناجي غورو دعوة ملحة لاتخاذ إجراءات جادة لتجنب كارثة زلزالية محتملة في إسطنبول. بتحسين البنية التحتية، وزيادة الوعي والتخطيط السليم، يمكن تقليل الخسائر وإنقاذ الأرواح. إن التهاون في هذا الأمر قد يؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها، لذا يجب على الجميع، من سلطات ومواطنين، العمل سوياً لتحقيق السلامة العامة.