في محاولة لتجنب الخسائر الاقتصادية الناتجة عن حملات المقاطعة المتصاعدة في تركيا، قامت شركة “كوكا كولا تركيا” بتبني استراتيجيات تسويقية جديدة تهدف إلى تعزيز انطباع أن منتجاتها تُصنع محليًا وبجهود تركية بحتة. يأتي هذا التوجه كخطوة استباقية للحد من تأثير حملات المقاطعة التي أطلقها مواطنون أتراك دعمًا للقضية الفلسطينية، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023.
في إطار هذه الاستراتيجية، بدأت “كوكا كولا تركيا” بوضع عبارة “منتج محلي” على عبواتها، إلى جانب عبارات أخرى تؤكد أن عمليات الإنتاج تتم بواسطة فريق تركي بالكامل. هذه الخطوة ليست جديدة تمامًا؛ فقد سبق للشركة أن قامت بتغيير اسم العلامة التجارية على بعض منتجاتها ليصبح “Coca Cola A”، وذلك في محاولة لإبعاد نفسها عن الانتقادات المتزايدة بسبب ارتباطها بدولة الاحتلال الإسرائيلي.
تشير التقارير إلى أن هذه الخطوات تأتي في وقت حساس للغاية بالنسبة للشركة، حيث شهدت مبيعات “كوكا كولا” في تركيا تراجعًا ملحوظًا. ويعزى هذا التراجع إلى حملات المقاطعة التي نُظمت ردًا على السياسات الإسرائيلية العنيفة تجاه الشعب الفلسطيني، والتي لاقت استياءً واسعًا في الشارع التركي. لم تقتصر المقاطعة على “كوكا كولا” فقط، بل امتدت لتشمل العديد من الشركات والمنتجات التي تُعتبر داعمة أو مرتبطة بشكل أو بآخر بالاحتلال الإسرائيلي.
وتشهد تركيا منذ بداية العدوان على غزة موجة واسعة من المقاطعات للمنتجات والشركات التي تُعتبر داعمة للاحتلال في مختلف المجالات والصناعات. هذه المقاطعات أثرت بشكل واضح على أداء العديد من الشركات الدولية العاملة في السوق التركي، مما دفع بعضها إلى إعادة النظر في استراتيجياتها التسويقية ومحاولة التكيف مع التوجهات الوطنية العامة.
ومن الواضح أن “كوكا كولا تركيا” تسعى من خلال هذه الاستراتيجيات الجديدة إلى الحفاظ على حصتها في السوق التركي، الذي يُعتبر واحدًا من أهم الأسواق بالنسبة للشركة على مستوى العالم. ولكن يبقى السؤال حول ما إذا كانت هذه الإجراءات كافية لتهدئة الغضب الشعبي وتأمين مستقبل الشركة في تركيا، خاصة في ظل التوترات السياسية والاقتصادية المتزايدة بين تركيا وإسرائيل، والتي تؤثر بشكل مباشر على العلاقات التجارية بين البلدين.
في النهاية، قد تضطر الشركات الدولية العاملة في تركيا إلى اتخاذ خطوات جذرية وتبني استراتيجيات جديدة للحفاظ على مكانتها في السوق، في ظل المناخ السياسي والاقتصادي المتغير. لكن يبقى على هذه الشركات أن تدرك أن الاستجابة لمطالب المستهلكين المحليين والامتثال لتوجهاتهم قد يكون هو السبيل الوحيد لتجنب المزيد من الخسائر في هذا السوق الحيوي.