كشفت 7 وثائق أمنيّة نشرتها وكالة اللجنة الدولية للعدالة والمساءلة أن رأس النظام بشار الأسد عمد تفعيل دور الشبيحة لقمع أي احتجاجات حتى قبيل انطلاق الثورة السورية وذلك بعد استشعاره خطر اشتعالها تزامناً مع ثورات الربيع العربي.
وقالت المنظمة في تحقيق نشرته بالشراكة مع وكالة رويترز إنها توصلت من خلال ما تملكه من وثائق إلى كيفية قيام أعلى مستويات النظام بتخطيط وتنظيم وتحريض ونشر هذه المجموعات شبه العسكرية (الشبيحة) من أجل المساعدة في قمع المعارضة.
أولى الوثائق التي استعرضها معدّو التحقيق صدرت في 17 من كانون الثاني 2011 عن رئيس فرع الأمن العسكري بدير الزور (الفرع 243) الذي أرسل إلى أسفل التسلسل الهرمي يطلب من أقسام الفرع والمفارز البقاء في حالة تأهب، وتجهيز المخبرين، وتسيير الدوريات، ومنع حدوث مزيد من الاحتجاجات من خلال اتخاذ “الإجراءات الضرورية”. وانتهى التعميم بالمطالبة بالامتثال الكامل وأصر على “عدم التساهل” في تنفيذ هذه التعليمات.
عاد رئيس الفرع في 7 من شباط إلى توجيه اللوم والشكوى بأن موجة الكتابات “المسيئة” على الجدران لا تزال مستمرة وهو ما يشكل إساءة كبيرة لسمعة الأجهزة الأمنيّة بالمنطقة حسب تعبيره.
ويطلب خلال الوثيقة من مرؤوسيه في المفارز الأمنيّة تنشيط المصادر والمندوبين والجهاز الحزبي والشرطة والدوريات الأمنيّة المشتركة لقمع هذه الأنشطة وتوقيف القائمين عليها.
الوثيقة الثالثة مؤرّخة بتاريخ 31 من آذار 2011 وهي عبارة عن برقية موجهة من رئيس مفرزة تل أبيض إلى رئيس فرع المخابرات العسكرية بدير الزور تتحدث عن توجيه المفرزة أوامر بالاستنفار الكامل للجهاز الحزبي وحثهم على الانتشار في المساجد والساحات العامة للتصدي للمتظاهرين.
في وثيقة تعود لتاريخ 11 من نيسان، يطلب رئيس الفرع ذاته استنفار الجهاز الحزبي في كل منطقة وتشكيل ما يسمى باللجان الشعبية على أن تكون بإشراف الفرق والشعب الحزبية ويتم تفعيلها بإشراف اللجان الأمنية بالمناطق.
بشار الأسد وانتهاء مرحلة التسامح
كما تُظهر الوثائق أن هذه الأعمال على مستوى المحافظات كان يتم الإشراف عليها وتنسيقها من أعلى مستويات السلطة في دمشق من قبل خلية الأزمة المركزية التي ضمت رؤساء أجهزة الأمن القومي والاستخبارات ووزير الداخلية ووزير الدفاع وآخرين وكانت ترفع تقاريرها مباشرة إلى بشار الأسد.
وفي إحدى الوثائق الصادرة عن الخلية في 20 من نيسان 2011 تؤكد بداية على انتهاء مرحلة التسامح وتلبية المطالب، بينما نص البند الخامس في الوثيقة على حشد الجهاز الحزبي (منظمات الحزب، المنظمات الشعبية، المنظمات المهنية) وتدريب العناصر المقررة على مواجهة المتظاهرين وكذلك على استخدام السلاح.
وثيقة أخرى صادرة عن رئيس مكتب الأمن القومي في آب من العام 2011 تطالب الأجهزة الأمنية بتنيظم حملات أمنية يومية وتنظيف كل قطاع من المطلوبين والسيطرة عليه بتنظيم الوجود الأمني والحزبي والمنظمات الشعبية.
وفي وثيقة أخرى تطالب الأجهزة الأمنية أفراد بالتحري عن هويات لجان التنسيق المحلية واعتقال كافة أفرادها لإنهاء حالة التظاهر في المحافظات.
تظهر بعض الوثائق سعي خلية الأزمة لإلغاء اللجان الشعبية، وهو ما ورد في وثيقة تعود لـ 20 من نيسان ومحضر اجتماع في 22 من ذات الشهر لكن هذه التوجه لم يكن جاداً بدليل أن خلية الأزمة وفي نفس الأسبوع أصدرت تعليمات باستمرار الاعتماد على الجماعات الموالية، بالإضافة إلى تسليحها وتدريبها.
وبحسب معدي التحقيق، تُظهر تعليمات صادرة عن الفرع 271 (المخابرات العسكرية في إدلب) أن القيادة الأمنية كانت على علم بتورط اللجان الشعبية في انتهاكات ضد السكان المدنيين، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والاختطاف وتصفية الحسابات الشخصية، لكن تعليمات من الفرع 271 إلى مرؤوسيه كانت واضحة: “بعض الفروع الأمنية اعتقلت هؤلاء الرفاق. لذلك، يرجى التأكد من أن نقاط التفتيش الأمنية والعسكرية تهتم بتلك المجموعات ولا تعارضها “.