وسط احتدام المعارك بين روسيا وأوكرانيا، وتمكن الجيش الأوكراني من استعادة العديد من المناطق التي تقدمت إليها روسيا خلال الصيف، لجأت روسيا للعديد من الأساليب التي من شأنها تدعيم جبهاتها على محاور القتال، عبر الزج بعناصر الميليشيات المحلية والمرتزقة الأجانب والقتلة والمجرمون على الجبهات.
وتمكن موقع أورنت، من الحصول على معلومات حول كيفية نقل المرتزقة الأجانب (خاصة السوريين منهم) إلى جبهات القتال في روسيا، والمغريات التي تقدمها روسيا بهذا الصدد، في محاولة منها لجمع أكبر قدر ممكن من المقاتلين، بغض النظر عن انتمائهم أو إيديولوجيتهم.
من طرطوس إلى ليبيا
“نقلونا بسفن عسكرية نحو ليبيا”، هكذا بدأ المدعو “عبد الحميد” وهو عنصر سابق في ميليشيا سورية شكلتها روسيا من أجل القتال في العديد من الأماكن من بينها ليبيا وأوكرانيا حديثه لـ أورنت حيث قال: “بدأت الرحلة من عرض قدمه الروس للميليشيات المحلية في سوريا وعلى رأسها (فيلق القدس والدفاع الوطني)، وتضمن العرض ما أطلق عليه الروس “فرصة الدفاع عن الحرية” في ليبيا، لقد تطوع كثيرون للقتال تحت المغريات المقدمة، والتي كان أولها (الراتب الشهري البالغ 500 دولار أمريكي)، والذي يعد بالنسبة لسوري مقيم في مناطق سيطرة أسد ثروة قومية”.
وأضاف: “لم يقتصر العرض على عناصر الميليشيات فقط، بل كلان يشمل أي شخص يريد أن يتقدم من معارفهم، شرط أن يكون قد أنهى الخدمة العسكرية الإلزامية، وإن كان ضمن خدمة الاحتياط، فيمكن له الانضمام ويتم احتساب المدة التي قضاها مع الميليشيا الروسية بدلاً من “الاحتياط”.
ما هي العروض المقدمة؟
وبحسب المصدر، فإن العرض الذي قدمته روسيا تضمن “منح 500 دولار أمريكي شهرياً لكل مقاتل ، مع إمكانية منحه الجنسية الروسية بعد عام من القتال على الجبهات الأوكرانية، ولم شمله بعائلته، وإلحاقه بمدرسة عسكرية بعد تجنيده، بهدف تخريجه وضمه للجيش الروسي بشكل نظامي”.
تعذيب بمسمى تدريب
وذكر: “بعد تقديم الموافقين على العرض لطلبات انضمام، تم نقلنا إلى القاعدة العسكرية الروسية في حميميم بريف اللاذقية، وهناك تم نقلنا بواسطة سفن عسكرية تابعة للاحتلال الروسي باتجاه ليبيا، حيث دخلنا معسكراً روسياً في مدينة درنة الليبية، وأقمنا هناك لنحو 45 يوماً، تعلمنا من خلالها أساسيات القتال، ثم عاد الضباط الروس ليخيرونا بين استكمال الرحلة أو العودة إلى سوريا، كنت أنا أحد الذين طلبوا العودة إلى سوريا سيما وأن الظروف التي مررنا بها خلال 45 يوماً كانت قاسية جداً”.
وتابع: “لقد تعرضنا لتعذيب شديد تحت مسمى (تدريب)، كانت تديرنا مجموعة من ميلشيا فاغنر الروسية إضافة لميليشيات أخرى تابعة لقوات حفتر، كانوا يوقظوننا منتصف الليل من أجل التدريب، وجعلونا ننام على التراب وسط البرد القارس، كانت ما يسمى (تدريب) شاق لدرجة الموت”,
عنصرية وإهانات
بعد إمضاء الـ 45 يوماً، تم نقل من يريد العودة إلى سوريا بواسطة السفن الحربية، فيما تم نقل من يريد التوجه إلى أوكرانيا بواسطة طائرات نقل عسكرية روسية، وفيما كانت الوعود بمنحنا الجنسية الروسية بعد إمضائنا عاماً واحداً فقط على الجبهات، كان تعامل العناصر الروس بمنتهى العجرفة والعنصرية، حيث تكررت إلى مسامعنا عبارات مثل (العرب المتخلفين – لا نثق بالعرب) وغيرها من العبارات الأخرى.
عودة واعتقال
يروي عبد الحميد تفاصيل عودته إلى سوريا قائلاً: “بعد عودتي إلى اللاذقية وبينما انا في طريقي باتجاه حلب، تم اعتقالي من قبل حاجز الراموسة بتهمة مغادرة البلاد بطريقة غير شرعية والقيام بأعمال مشبوهة خارج القطر، والأمر الأغرب هو عندما أخبرت فرع المخابرات الجوية بما جرى رفضوا تصديقي، وأجابني “محسن ابراهيم” وهو الضابط الذي تولى التحقيق معي حينها، بأن “القوات الروسية الصديقة لا تحتاج لمن هم من امثالي كي تنتصر على الامبريالية الغربية”، حيث تم اعتقالي لمجة 113 يوماً، لأخرج بعدها بعد وساطات ودفع مبالغ طائلة.
تهديد بالتصفية
ووفقاً لـ “عبد الحميد” فقد جرى تهديده بالقتل والتصفية، في حال تحدث عما جرى معه أو المكان الذي ذهب إليه، مشيراً إلى أنه وجد نفسه مضطراً لترك مناطق سيطرة أسد، وقد وجد أفضل وسيلة هي الخروج للإقامة في مناطق سيطرة ميليشيات قسد وفق تعبيره.
وكان الحساب الرسمي للمخابرات الأوكرانية قد نشر في وقت سابق، منشوراً أعلن من خلاله وصول 150 مقاتلاً يتبعون لميليشيات أسد إلى جبهات القتال في روسيا، وقد أشار الموقع حينها إلى أن بشار أسد تعهد بدعم روسيا بـ 4000 مقاتل، معتبراً ان هؤلاء المقاتلين وجدوا في ذلك فرصة جديدة للهجرة واللجوء.
وأضاف الحساب أن روسيا وعدت المقاتلين السوريين بأن مهامهم ستقتصر على “حفظ الأمن” في المناطق التي سيطرت عليها، في حين أشارت تقارير إلى أن أنباءً وصلت إلى المتطوعين أخيراً تفيد بتخطيط روسيا لإشراكهم بشكل مباشر في العمليات القتالية، وهو “ما قلل بشكل كبير من الروح القتالية لديهم”.